Monday, July 28, 2014

انسحاب ولكن .. بعد فوات الآوان !


-         أريد أن أخبركِ بشيء.
-         ماذا ؟
-         أحياناً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ولكن تلك الرياح ليست سيئه في كل الأوقات ..
-         لم أفهم ؟!
-         أحياناً تأخذنا الرياح إلى ما هو أجمل ..
-         ربما! ولكن ماعلاقه هذا ب..
نهض من مكانه ثم أخرج من جيبه عُلبه سيجاره , فتح العلبه ..
أخرج تلك السيجاره التي جذبتني ..
سحرتني ..
لم أكن أعرف سبب أنجذابي لها ..
ربما لأنني لم أدخن منذ أن جئت إلى هنا ..
يآآآه أنه الصداع الذي يُعلن حاجتي إلى سيجاره..
-         العلاقة يا أنستي هي أننا كنا نسير في الأتجاهات المعاكسه ولكن تلك الرياح أخذتنا إلى بعضنا .. إلى هذا الزقاق ..
نعم , معه حق فكيف للصدف أن تكون السبب في كل مايحدث ..
-         هل تريدين سيجاره ؟
-         نعم ..
نهضتُ وأتجهت إليه وأختطفتها من بين أنامله ...
أخذت نفساً عميقاً ثم نفثت دخانها ..
يآآآه كم أشتقت لهذا الشعور ..
الشعور بالأحتواء..
حينما يتسلل ذلك الدخان الأسود إلى كل أجزاء جسدك ..
حينما تشعر وكأنك تنفث دخان الخلاص..
أنت لاتعرف ماهيه الشي الذي تخلصت منه  ولكنك تخلصت من شيء أثقل كاهلك طويلاً..
قد يكون التوتر وحسب ..
وقد يكون شيء أخر ..
-         كنتُ أحب تلك الممرضه الساذجه ..
-         ماذا قلت ! م ممرضه !
-         نعم ممرضه ..
كيف ذلك , هل تستطيع الصدف خَلق هذه الظروف جميعها !
-         كانت تكرهني لأنني لا أملك المال .. تكرهني لأنني ترعرعت في الإزقه تكرهني لأن ظروفي لم تجعل مني مهندساً أو طياراً , تكرهني لأنني ..
-         لأنك مختلف !
عقد مابين حاجبيه ثم نظر إلي قائلاً : مختلف ؟
-         نعم هناك من يكرهك لأنك مختلف وهناك من يحبك لأنك مختلف ..
أبتسم وكأنه حصل على مايريد ثم قال بعد أن وجهه لي نظره مريبه : وأنتِ ؟
-         أُحبك لأنك مُختلف ..
يآآآآه كيف فعلتها !!
كيف قلت ذلك له !!
-         ماذا ؟ لم أسمعكِ جيداً ؟
-         لاشيء كنتُ أُحادث نفسي وحسب !
أبتسم ثم قال : حسناً .
-         هل يمكنك أن تساعدني بشيء ؟
-         تفضلي !
-         أريد أن أعرف من هي وأين هي عيادتها .
شعرت أنه غضب من سؤالي ولكنه لم يرد أن يرفض طلبي لذلك أخبرني  بذلك ..
وبعد أن حصلتُ على أسمها وعنوانها  , ودعته ووعدته على أن نتقابل الليله ..
ولكن ..
ماذا ستحمل لنا هذه الليله ؟
الكثير !
****
-         الممرضه نانسي هنا ؟!
-         نعم ولكن من أنتِ ؟
-         أخبريها أن هناك زائرة في أنتظارها ..
-         حسنُ , أسمكِ من فضلك ؟
-         لايهم , هي تعرف , أرجوك أسرعي أنني على عجله من أمري!
-         حسنٌ
هناك ..
في تلك العياده ..
تجدُ كل شيء بارد ..
أريكه بارده ..
قهوة بارده ..
معطف بارد ..
كل ماكان حولي بارد ..
لماذا ؟ هل القلق هو السبب أم لأنني لم أنم جيداً؟
أو قد تكون هذه أعراضه !
نعم لاشيء جديد ..
فذلك بفعل الأي..
-         عفواً سيدتي , هل طلبتني ؟
-         نعم , أريد التحدث إليك هناك أمر مهم جداً !
ولم أترك لها الفرصه لترتدي معطفها ..
أمسكت بيدها وخرجنا من العياده ..
خرجنا إلى ذلك المكان الذي ألتقينا به أول مره ..
المقهى !
***
هناك جلستُ معها والقلق يستحوذ على صدري وعقلي ويمنعني من السيطرة على أعصابي ودموعي ..
كنت فقط أتمنى أن لا تقع هذه الفتاه في مصيده ذلك العاهر ..ولكنني كنت على قناعه تامه أنني سيئه الحظ لذلك لم أستبعد تورطها بعار الإيدز مثلي ..
-         أرجوكِ أخبريني مالذي كنتِ تودين قوله لي , لقد أفزعتيني !
نظرت إليها في صرامه ثم قلت لها : هل حدث بينك وبين ذلك الرجل شيء؟!
-         ماذا !!
 نهضت من مقعدها غاضبه وقبل أن تنطق بحرف واحد أقنعتها بالجلوس كي أُعلمها بكل شيء.
-         أنا لا أريد منكِ شيء أنا فقط أردت أخبارك أنك في خطر !
-         هل أنت عشيقته ؟ هل تحاولين أخافتي ؟
-         هه , ليت هذه هي الحقيقة , لكانت أقل ألمآ من الواقع المّر !
نظرت إلي ثم..
-         مرحباً .. ماهو طلب....
-         ليسسس الأن !
أجابت النادله في غضب وكأنها تعرف أن ماسأخبرها به أمر خطير جداً
-         ح حسنٌ المعذره على الإزعاج اذاً..
حينما رحلت النادله ..
تحولت تلك المرأه الغاصبه إلى طفلة تائهه ..
طفلة عّلمت أنها تائهه ولكنها تجهل السبب..
بكت , وكأنها تعلم أن الأمر أشد خطوره من توقعاتها..
-         سأخبرك بشيء أنت ممرضه اليس كذلك ؟!
-         نعم !
نهضت وأدرت وجهي عنها ثم قلت : إن لم يحدث بينكم شيء فذلك من حسن حظك ولكن إن حدث شيء فَ تحليل الدم هو المُرشد إلى ماكنت أريد أن أخبرك به ..
-         هل تقصصدين ؟!
-         الوداع .
-         حسن ولكن أرجوك أتركي عنوانكِ على الأقل !
-         عنواني تركته لكِ عند صديقتك الممرضه .
-         أرجوكِ أنتظري .
بخطوات سريعه أبتعدت عن المكان..
بخطوات سريعه أتجهت إلى منزلي ..
وأحكمتُ أغلاق الباب ثم..
أستلقيت وغطت عيناي في نوم مؤقت..
وليس هنيء ..
****
-         صوت جرس الباب –
-         يآآآه من هذا المزعج !
نظرتُ إلى الساعه وقد كانت تُشير إلى السادسه ليلاً
-         مهلاً , قد يكون ....
-         نعم سأفتح له الباب ..
-         ولكن الشخص الذي كان أمام الباب غير متوقع ..
-         فقد كانت هي ..
-         نانسي..
***
-         صوت جرس الباب مرة أخرى - !
-         أعتقد أنه هو ..
لذلك ذهبت إلى الباب وأستقبلت الزائر وقد كان هو ..
ولكن ..
هو لم يعد كما هو حينما رأها ..
وهي لم تعد كما هي حينما رأته ..
فقد عّم الصمت الدار , ولم تحمل تلك اللوحه من الصمت سواء دموع حارقه وقلوب ثائره ..
-         هنيئاً لكِ ياحلوتي ..
-         إلى أين يا نانسي !
-         سأرحل وأسفه جداً لأنني تسببت في أزعاجك!
كان يرمقها بكرهه  ..
ولكنني أعرفه جيداً هو لايستطيع أن يكَّن الحقد لأحد ..
خرجت هي ..
لتتركنا خلفها حائرين ..
صامتين ..
***
في المقهى ذاته .. كنا نجلس سوياً ونتبادل أطراف الحديث ..
كنتُ قد نسيت موضوع المرض للحظات ..
كنتُ منشغله بالتحديق في تقاسيم وجهه وعينيه ..
كنتُ منشغله بحفظ تفاصيل إبتسامته ..
تقلص عينيه ..
وذلك الإنحناء الرهيب من شفتيه..
وكل ذلك الشعر الذي كان يُغطي ذقنه ..
يآآآه ..
كم هو فاتن ..
ولكن ..
في تلك اللحظات التي كنا نقضيها سوياً..
كانت هي هناك أيضاً ..
تنظر إلينا بعينين لامعتين ..
عينان أرهقتهما  الدموع..
وما إن لمحتها حتى نهضت ثم أدارت وجهها ورحلت..
-         مابكِ بما كنتي تحدقين ؟
أبتسمتُ إبتسامه زائفه ثم قلت له: لاشيء ..
ثّم نظرتُ إلى ساعه معصمي وقلت : حانّ موعد العوده إلى المنزل ..
-         هل سأراكِ غدا ؟
-         بالتأكيد ؟
-         في أي وقت ستشرق أميرتي علي لتنير بيتي المتواضع ( الزقاق )
-         قد أتي إليك بعد العصر !
-         حسنٌ لا تتأخري !
-         لابئس الوداع !
-         مهلاً !
نهض مسرعاً وقال : لا لن أترككِ تذهبين وحدك  ,قد تواجهين أحد ضعاف النفوس في الطريق !
.. وحينما نطق بهذه الكلمات .. ابتسمت إبتسامه رضى ..وتخليتُ عن تلك الإبتسامه الزائفه التي كانت ترافقني منذ قليل
إبتسامه أشرقت من اعماق نفسي ..
أمسك بأطراف أناملي وكأنني أمرأته ..
كأنني مُلكه ..
كأنني مولاته ..
كأنني ..
حبيبته !
***
حينما فارقت يمناي يمناه ..
تمنيت أن نلتقي من جديد في حُلم هذه الليله ..
ولكنني مع الأسف لم أحلم بشيء !
ألم أقل لكم أنني سيئه الحظ !
نعم فهذه أنا ..
سيئه الحظ !
***
-         صوت جرس الباب –
يآآآه أنها الساعه الواحدة ظهراً ..
ترى من يكون هذا الزائر !
لا ليس رجل الأزقه فقد أخبرته أنني سأتي إليه حينما أستيقظ ..
ترى .. من يكون !
خطوات سريعه نحو باب المنزل ..
خطوات متوتره وقلقة ..
وبعد أن أطلق باب داري صريره ..
أتضحت لي ملامح الزائز..
أنها هي ..
صديقه نانسي ..
***
نانسي ... رحمةُ الله عليكِ ربما كان قرارك هذا قرار متسرع ولكن لاشيء سيعود الأن ..
هذه الرساله خاصه لي  من نانسي ..
فقد أوصت نانسي صديقتها أن تعطيني هذه الرساله في ليله موتها ..
وقبل أن تأتي إلي زميلتها ذهبت إليها لتجدها مُنتحره ..
اللعنه عليك يا قاتل النساء ..
سأقرأ الرسالة الأن..
وسأعرف مابها ..
قد يكون هناك سر ما ..
بسم الله ..
***
هنيئاً لكِ يا حلوتي ..
هنيئاً لكِ وله ..
أنتما تستحقان كل خير..
هو رجل طيب القلب وأنت فتاة مخلصه ووفية ..
أنتما أجمل ثنائي رأيته في حياتي ..
كمثل القلب حينما ينقسم عن نصفه الأخر ومن ثم يعود إليه ليلتحما ببعض ويصبحان قلب واحد..
أنتم كذلك .. روح واحده في جسدين ..
حقيقة قد تظنين أنني كنتُ أحقد عليكِ ولكنني لم أكن كذلك , لأنك أنت من يستحق قلب هذا الرجل ولستُ أنا , أنا مجرد فتاه ملطخه بعار أُضيف إلى حياتي مقدماً..
وبالطبع هذا العار بفضله هو ..
أنتِ تعرفينه تماماً كما أعرفه أنا ..
ولكنني لستُ مثلكِ لستُ شجاعه أمام الإيدز لذلك سأتوقف عند هذا الحد لأكتب إليك نهايتي بجانب مشرط صغير في غرفتي الخاصه بعد أن أحكمتُ إٌقفال باب داري ..
وقبل أن أنسى هنالك هديه صغيره تخصكِ في هذا الصندوق ..
أرجوكِ أقتليه ..
هو لا يستحق العيش , فقد تأكدت من صحه كلامك حينما أقنعته بكذبه الوباء المنتشر في الجو وأن من الضروره فحص الدم ..
أقتليه وحسب ..
هو لايستحق أن يعيش بين الإبرياء بعد هذا اليوم ..
أقتلييييه ...
الوداع ياحلوتي ..
-         الوداع
وضعتُ الرساله جانباً ..
ذهبت إلى النافذه المُطّله على الشارع الفارغ ..
رشفتُ رشفه من كوب قهوتي المستقر فوق تلك الطاوله التي بجانب النافذه ..
ضغطت على زر تشغيل المسجل
-         آه من الهوى يا حبيبي آه من الهوى ..
اللعنه .. لا تعجبني هذه الأغاني الّمطوله ..
مهلاً أريد تلك الأغنيه ..
أممممممم
-         أنا عمري ماستنيت حد ولا يوم بكيت ونديت حد !
ههههه , هذه الأغنيه تُذكرني بذلك الأحمق كنتُ أحب الإستماع إليها حينما قرر الغياب عني ..
ترى ماهي الأغنيه التاليه .؟
-         أطلع بعيني .. أطلع بعد شوي .. تأمل بعيني شو بتئول ..
بدءت بالرقص على صوت مروان خوري وأرتسمت في بالي ملامح ذلك الرجل الذي يسكنُ هناك ..
في الأزقة ..
آآه كم أعشق صوتك يا مروان وأعشق أحساسك ..
لذلك ..
أغمضتُ عيني
أبتسمت ..
أحتضنتُ نفسي وكأنني أحتضنه ..
وصرختُ بصوت عالٍ :أُحبك يا رجل الأزقه..
هيا غنوا معي ..
-         عارف عارف ئلبك عارف شو القصة ..
****
كلمات : وميض
twitter :@_alnourii

No comments:

Post a Comment