Wednesday, August 30, 2017

أشتري لي واحدة


أخبرني والدي ذات مساء وهو يتجرعُ الأسبريسو على عجلٍ .. أن هُناك أزمة نفط ستحل بالعالم .. أجبته بأن هذا مُجرد إفتراض وبأننا بخير الأن .. قال .. كُل شيءٍ تقني سيموت في يومٍ ما .. أحزمي حقائب أمتعة اليوم الأسود .. لذلك حينما قال لي تلك الكلمات .. تذكرتُ رُقعة الشطرنج الخشبية الخاصة بي وكُل تلك الروايات المُكدسة في بيتي والتي تنتظرُ مني سلاماً وأيضاً .. شيءٌ ما ينقصني .. آلة الكتابة .. أريد أن أشتري واحدة .. تِلك العتيقة التي تنزفُ بمشاعر كُل عاشقٍ أصيل دفنته أجيال التقنية.. أريد أن أحصل عليها يا روحي لأتخلص مِن ضجر الحرف فيّ عندما يحل غد التصحر الإلكتروني ، تعرف سلفاً بأنني الجنون الكتابي عينه ، أتعاطى الحرف والجنون والتعقل دفعة واحدة لتجدني بهذا الشكل الذي تراه الأن ، وكأنني تسللتُ مِن ثغرة تركها شخصٍ ما لي في مقبرتي لأنه يُدرك بأنني سأعود دائماً .. يُدرك بأن هذا الكبت الكِتابي المؤقت سيفجر الكثير من الشلالات الجنونية الرزينة. أنا مخلوقٌ مهووس متعقل يُعاني مِن تضخمٌ في أنسجة الحرف.. الحرفُ لا يهدأ .. أنه مُلتهبٌ ودرجة حرارة الرغبة بالكِتابة تُذيب القُدرة على رفضها.. أتمنى يا عزيزي أن تُنصت إلي جيداً.. الكتابة وُجدت قبل هذا العصر التكنولوجي وتلك الآله الكتابية التي لاتحتاجُ إلى أنترنت  خدمت كُتابٌ عظام وعُشاقٌ كرام.. لذلك أرجوك أشتري لي واحدة كي لا أبقى في بؤرة الخوف الضيقة والتي لا تعترفُ بمبدئ أجازة المسجون للنظر إلى الأفق .. احتاجُ حصتي من تلك الكمية التي قد تكون محدودة وستفرغ الأسواق مِنها حينما تُحلق اجهزة اللابتوب والهواتف والألعاب الإلكترونية إلى سماء جهنم .. لا تدري قد تكون أيضاً مصدر دخلٍ جيد ، نستطيع أن نؤجرها على كاتبٍ أو عاشقٍ أو معلم .. كل ذلك سينفعنا في وقتٍ لا ندري إن كُنا سنراه أم لا وإن لم ندركه .. سيدركه أطفالنا.. لنحفظ لهم باب الرزق .. أعلم بأنك ترى أن الكتابة لاقيمة لها .. لأنك ماتزال تعيش في زمنٍ مُرفه ، تقرأ المعلومات عن الفايروسات والإسعافات الأولية واعراض مرض زيكا بالمجان وتشرب قهوة ستار بوكس وبين يديك كِتاب عظيم مُترجم  يتكلم عن الحرب العالمية الثانية  حصل على عدة جوائز .. ولكنك في ذلك الزمان الذي تخافه ستشحذ الإبداع الذي لا يليقُ إلا بطبقة مُعينة .. ستُجبر على قراءة تِلك الجرائد السيئة الطباعة وستكتفي بقهوة توزع في أيام العُطلة مجاناً في الشوارع.. أنقذنا مِن ماهو قادم.. أشتري لي واحدة .. فأنا أعدك بأنني لن أتوقف عن الكتابة إليك حتى وإن أصبحنا في زمن  الشقاء ورعاية الأغنام.

امراءتك وميض
تويتر: geneourla

Friday, August 25, 2017

متحف كيفين بول.


اللامشهد النهائي: فرز المغريات الذهبية الألمانية الأخيرة..
برفقٍ مُرفق بتفاصيل مشدوهة جائعة إلى بقعة صفراء تفتح فمها متثائبة في وسط هذا الخشب الأسود .. أقترب من النقطة الأخيرة ..
أنقب الظُلمة المحيطة .. وصوت الخشب ينقب روحي.. أتعثر بالفراغ فتتعثر في أناملي.. أسير على خط  شبه مُستقيم إلى مُنتصف اللامسرح ..
لم يكن هُنالك ستار يُفتح  ليؤطر حضوري في هذا اللامشهد النهائي ويجعله أهلاً لتصفيق شبح الجمهور الراقد مجدداً على مقاعد  تلونت بلون العقيق الذي يطلب النجدة من طغيان العتمة مجدداً أيضاً ..
أنني أنجو مِن بغض السواد الأن.. تلك الخربشات التي كانت تتعلق بقشة  هرباً من الغرق في الظلمة .. الخربشات التي كان صوتها يطرق كياني صار الأن بعيدة جداً .. وصارت هي مُهشمة مركولة في أحدى زوايه هذا الصخب اللامُتكلم .. غرقت وحدها .. نستطيع أن نقول بأنها صارت الأن جُزء لا يتجزأ من مملكة الصمت.. تعمل بدون صوت تحك الحوائط الطاغية إلى أن تتكسر أظافرها ثم تصرخ مِن دون صوت وتبكي بدون دموع وتنصهر دون دُخان..
ألتفت إليها ..
-          أقدم إليكِ خالص التعازي .. 
منحتها الظُلمة حق الرد.. فتوقفت عن النواح وقالت بصوتٍ دامي  :
-          أحترسي مِن فخ العُتمة الذي يولد بعد ذلك جمالاً يجذب إحساسك ثم يجنده بداخلك و يسلبه مِنك ليجعلكِ تحتضرين تضرعاً ورجاءاً.
(كُل كلمة تنطقها شفاه محتضره بالحزن والموت صادقة ولكنني لا أكترث)
في هذا اللامشهد
الظُلمة تكوي ملامح التمرد في روح تلك الحيوية التي تشكو من نقص الثرثرة المُكتسب..  تفتح جناحها الأسود لتضم به بقايا وميض منبعث من مساماتها ، فتتسلل إلى روحها فايروسات مشاغبة لتطفئها بشبق..
أستدير عن هذا كله لأحفظ في جيوب نفسي فوبيا نائمة فوق جناح اللبن الرائب.. لأعود حاملة أطراف فُستانِ - قصير أصلاً -إلى دائرة صفراء ماتزال قيد التثاؤب ولم تنام بعد..
دائرة أخيرة لا وتر لها ولا قُطر ..
دائرة قياس زواياها 360 ، هكذا علمنا الرياضيات.
لها نُقطة مركزية واحدة فقط .. هل هذا صحيح ؟ لا أدري .
وهذه النقظة المركزية هي ..
-          كرسي معدني  بلون رماد السيجار الذي أنتشرت رائحته في أركان رأسي – 
لحظة!
-          تباً للجمهور ، أنا أريد سيجار .. 
تحسست جيب فُستاني الأبيض لأجد  بأنه فارغ مِن المُتعة..
لهذا سأستنزف الطاقة المتبقية في رأسي هنا .. فوق خشبة المسرح  ثُم سأشحنها برقم مُضاعف ؛ بسجائر عددها 12
-          من هذا ؟
الكرسي الذي يطفو في فم الدائرة ليس وحيداً.. – أنا أعرف ذلك ولكنكم لا تعرفون - 
بل هو كرسي رمادي يحمل شاب ذهبي..
بخطٍ  أبيض عريض مشوه كُتب على قميصه الكُحلي أسم أعتقد بأنه ألماني أصيل - أنا لا احتاج وقتاً لقراءته لأنني اعرفه جيداً - 
كيفين.
أنني  جائعة إلى رمق تفاصيل فراشة أحرقتها حرارة الضوء الكسول.. – هذا مايجب أن أشعر به لأن هذا اللامسرح يصلب تفاصيل شعورك وينحت خيوط وجهك لتبرز كما يرغبون بالضبط للجمهور حتى يقتنعوا - لا أعرف ماهية الشيء الذي يجب أن يقتنعوا به ولكن هذا فرض هنا ، طالما قررت أن تسير كأليس في اللامسرح فيجب أن تُبالغ في مرضك بهذا المكان، في إنسحاق جسدك وظلك إلى هذا الخشب الذي تسير فوقه .. وتتظاهر بأنك جائع إلى فراشة تهابها .
فراشة لم تسقط سهواً على كتف هذا الشاب الأبيض..
فراشة شفافة تحولت إلى اللون الكُحلي في أقل من نصف دقيقة..
وبعد..
في تلك التفاصيل القليلة التي وقعت بغته بعد ذلك - وهذا ليس في الحسبان -
حينما قرر فجأه الإهتمام .. حينما أدار وجهه إلى يساره قليلاً ، حينما سطى الضوء كالعربيد المُمتلئ بالخطايا على رموشه الصفراء ليحولها إلى خيوطٍ  من ذهب عتيق.. حينما يسقط في كل مرة يعبر بها وهو مُستسلماً  ثملاً في قعر قزحيته الفيروزيه المُحتاله البيداء ليعود مُجدداً إلى نقطة البداية ثم يسقط مُجدداً.. حينما تشبثت ملامحه البيضاء الحزينة بالفتنة .. حينما نظر إلى أطراف جناحيها التي ماتزال تتمسك بالحياه بربع إهتمام .. حينما مط شفتيه بشكلٍ لا ملحوظ  لكم ليحاول التصالح مع عزاء ذاته ودوره .. يحاول أن يعرض على السواد القابع في نفسه صفقة الإيجابية.. لم يُحركها .. لم ينفخ عليها لتطير في الأرجاء الغير مُفصلة ..  فقط  تركها تحفر قبرها على كتفه .. تركها تتخشب ثُم عاد لينظر إلى الفراغ الفارغ .. إلى نُقطة لا يُمكن أن تحتويها دائرة أو يبتلعها مثلث برمودا ..
هو لم يُبالي بها..
كُل تلك التفاصيل التي حدثت في وقتٍ لن أبالغ في الحذف منه ، أعتقد بأنه دقيقة واحدة تقريباً .. سقطتُ من عقلي.. ووقعتُ من وعاء روحي وقلبي.. أُعجِبت به حقاً ..
لم يرفع رأسه حينما أحترقت ..
كُل تلك التفاصيل أظن بأنها مكتوبة .. الضوء مزود بأشعة قاتله للحشرات ..نعم أعتقد بأنني أذكر ..
فقد رأيتها قبل ذلك ولكن مايحدث الأن مُريب .. 
هي الأن تتحول إلى بكتيريا لتهشم مناعة ذاكرتي بكُل إحترافية..
وكأنني لم أقرأها من قبل ..
تُسقطني تلك العصوية مِني وأعود حاملة اللاشيء بين كفين أنخرط لونهما إلى العدم..
كفين سرقت لونهما بكتيريا عصوية..
صدقني .. 
كان هناك شيء مُختلف عن كُل تلك البروفات الرتيبة ، شيء لا أستطيع  فرزه .. أو ربما امتنعت في تلك اللحظة عن المُبالغة والتضخيم لأرى الواقع بصفاء ..
فقد كان أشد جمالاً وجاذبية .. كان يفرز فتنتة بطريقة تشلُ أركاني التي أعتادت هذا اللامسرح  الممل ، تفاصيله كانت تقتل كُل حشرة تمنع تطير في أفقي..
أنا لم أثمل..
أنا نسيتُ كُل شيء الأن..
نسيتُ كل تلك الحروف التي تراصت في الورق الأبيض ..
مالذي يجب أن يحصل بعد لعبة الظلام تلك..
الحروف التي دونتها في صفحات عقلي..
أكلتها الطُفيليات والأرامل السوداء..
لذلك بقيت أتسائل ..
هل كان عدم مبالاته  بتلك الفراشة  دور مكتوب أم أنه كان يجدر به الإهتمام  وعدم العودة للإنغماس في العدم ..؟
أعرف بأن الفراشة لابد أن تحترق ولكن ماذا عن ردة فعله هو؟
فقد كان كالمُنكسر- الفاتن - ..
 المُتقاعد – اللذيذ- 
 الثمل بالحُزن - على ما أعتقد-  ولكنني متأكدة من أن تفاصيل الثمالة تليق به جداً سواء كانت مكتوبة أم لم تُكتب في النص ..
 تفاصيل تغري النسر للسقوط من السماء في عملية إنتحارية .. 
قررتُ أن أرتجل فجأة .. أن أنقض ككوبرا على هذا المشهد وأروضه في مصلحه سد جوعي تجاه تلك الملامح الألمانية العريقة..
لذلك أقتربتُ جداً جداً جداً ..
حتى صارت أرنبة أنفه تلامس بطني المُسطح ..
كان يجلسُ مُرتخياً مُشرعاً ساعديه للعزاء الذي يلوح في الأفق المُعتمة ..
وكان العربيد مايزال يفتري على رموشه الصفراء..
المجد للون الأصفر.
كان ما يزال يتخلل صلابتها واتحادها ليسقط في شر أعماله ؛ في جهنم الفيروزية  التي لن تتحول أبداً إلى الذهبية ..
حينما يسقط  تضيقُ الحدقه قليلاً  ثُم تعود إلى سابق عهدها بعد أن يجتمع شمل الرموش الفاخرة مجدداً..
هل تسأل أيها القارئ عن مكاني وسط كل هذه اللعبة الجدية الشاعرية الأن ..
أنا هُنا .. أنظر إلي أنني ألوح لك .. لا تُصفق فقط  ترقب أقترابي من أنفاس الجنة الألمانية ولا تتلصص على التضرع  الذي  تحدثت عنه خربشاتي وصدقت ، فقد كان طفلاً وديع وفجأة بعد بلوغ سحرٍ ما لونه أصفر إلى مساماتي التي كانت مُعرضة للهواء ، انسلخ فجأة إلى عملاقٍ أهوج حطم كُل عملياتي الحيوية لأراه  يغزو عروقي في طريقه إلى رأسي..
الجمهور لا يُصفق..
ولا تُصفق أنت أبداً..
قدمي السمراء لم تعد تحتمل..
-          تريدين سيجار؟
رفع رأسه ونظر إلى عيني لمدة ثانيتين ثُم عاد إلى العدم..
ذلك الصوت الذي باغتني فجأة وكأن عقلي يفرزه لأول مرة ..صوته الذي كان شيء أشبه بالموت الذي يُداهم المناعة المُتهالكة المُستسلمة..
-          قٌلها مُجدداً.
إبتسامة خفيفة صهرت روحي..
أعتقد بأنه علم بأنني أقحمت إحساسي ولأول مرة هُنا في اللامشهد الأخير لأصبه كالعسل فوق  تفاصيله..
أنني أشعر بالحرارة تفتح مساماتي وتُذيب هذا الجلد على العظام الدقيقة..
رأسي الذي يُغطيه شعر قصير أسود صار يجهل التمنع .. وصارت لا تُغطي جنونه تلك الخصلات السميكة المجعده ..
أنني أنحني بِكُل شغف.. وشعري يُداعب وجنتي وجبيني..
-          ماذا تفعلين ، هذا ليس في النص..
مُخرج اللامسرحية يعاتبني مِن مكانٍ ما هُنا في وسط هذه الرُقعة ..
أجبته ..
-          لا أكترث..
تشبثت أصابعي الجائعة بوجنتيه ..
أنغرست شفتي بين خُصلات شعره..
عانقت فروة رأسه..
قبلتها بكُل ما أوتيت مِن موت.. 
يصعبُ على البالغ العاقل أن يسد حواسه عن الفتنة .. 
يصعبُ أن لا يقدم روحه قرباناً لتفاصيلها..
حينما يذبح تعقله رغبة في إحتساء كأس الجمال..
لا يُمكنني أن لا أنصهر في كيفين..
هذه اللامسرحية التي تتحدث عن متحف من شمع يضم كل جميلٍ مِن أسبانيا وفرنسا وتركيا وألمانيا ..
لم يمنحني حقي في التضرع إلا هذا الشاب الذي كسر ساق التمهل ..
وخطف مِن فؤادي قُبلة وهمسة ولمسة..
أستدرت بأتجاه شبح الجمهور ثم تقدمت خطوة في هذا الفم المتثائب المُترقب وقلت لهم ..
-          هنا اللامسرح .. هنا المهزلة الجمالية .. فأنا لا أتذكر شيء الأن سوى  الشغف الذي طرق رأس الغابة الخمرية  في كياني فجأة لتحتفل بهذا الشغب الألماني .. أنه متحف كيفين بول ولا أحد سواه.. 
أنغلقت ستائر روحي ..
أنغلقت أحلامي الباردة  لأحظى بكابوسٍ دافئ قصف جسدي الجامد  ليحولني إلى كيانٍ رخو يتمايل بين أحضانٍ تحررت من قيودها فجأه ..
خلف ستار الروح..
ماتت قوانين المنع والخضوع  للأدوار والخشبة السوادء ..
وتزوجت الشفاه من الشفاه..
ثم صفق شبح الجمهور من وراء الستار المغلق وغادر..
# وميض
تويتر : geneourla

 

تلك الإبتسامة..


 
كُنت في قِمة إنزعاجي مِن العزاء المُطبقُ هناك على أنفاس الشمس والبرد .. كانوا مُحملين بالسواد .. كانوا قنابل بؤس لا محالة تجوب الطرقات الألمانية وتعيبُ في كُل عين زرقاء وخصل شقراء ، كانوا مُستائين مِن بعضهم البعض ، كانوا يتنافسون على الثياب والمُجوهرات والبعض بألوان العباءات .. أنا أمتنعتُ عن النظر إليهم لأنني لم أكن أملك تِجاه تصرفاتهم سوى الغضب الذي كان يعزف ألحانه المُنبعث صداها مِن تفاصيل وجهي وعيني .. إلى أن .. توقفتُ عِند مكتب الأستقبال الذهبي في الفندق بعد عودتي مِن الحرب الخارجية لأستلم مِفتاح الغُرفة  .. ثُم .. رأيتها هُناك .. امرأة عربية حيوية .. كانت تحملُ طِفلها وتقبله ثم تتحدثُ إلى الرجل الذي كان معها .. باغتتني المشاعر والكلمات .. قُبعتها الزهرية الفاتنة التي كانت تستظلُ بها عينيها عن البشر .. .. شعرها الكستنائي الطويل الظاهر مِن القُبعة .. حينما استدارت .. ابتسمت لي وكانت رائحة الخجل التي تفوح من غمازتها لذيذه.. ثُم .. قُلت لها " أنت كيوت " بِلا شعور وبلا بحثٍ في تفاصيلٍ أخرى وبلا إنتظار ردة فعلٍ منها ، لأن المُوظف أعطانا المفتاح وكتب النِهاية لهذه اللحظة .. حينما دخلتُ الغُرفة وأتجهتُ بجنون ممدوح عدوان إلى الشُرفة لم أركز في كلمة واحدة ، كُنت أفكر في أمر تِلك الفتاة ..صحن السجائر أمامي فارغ ، النحل في كُل مكان ،  روحي مُنشغلة .. إبتسامتها حقاً جميلة .. لم يمنحني أحد إبتسامة كتلك التي منحتني أياها .. لم أجدها في صديقةٍ أبداً ،  كانت خلابة جداً گتمثال فرحٍ عملاق في مُنتصف مدينة الغضب .. گ حُلمٌ أزرق طائر في مُنتصف حضيرة كوابيس .. لم أنسى إبتسامتها التي أحضرتها گتُحفة تبقى في الذاكره إلى وقتٍ لا أعلمه .. أتمنى أن لا تزول أبداً.. وأتمنى أن أصادفها في يومٍ ما لأخبرها بأنني مازلتُ أذكر إبتسامتها وأريد أن أكون صديقة تِلك الإبتسامة التي ستظلُ تِلهمني في كُل حين.. بإختصار تِلك الفتاة ألهمتني جداً ..   
#وميض 
تويتر : geneourla

Saturday, August 5, 2017

أسمي جيا

 
 
أنها هُنا.. تقف  في منتصف اللاسكون الأحمر ، عينيها فيروزية الروح ، تلتقطُ إشاراتٍ بائسة تنبضُ بيأس في ملتقى التشرد " ثلاثة نجوم" تتجرع رغبات الأدمغة كُلها ، شفتيها كانت تسرقُ العبث وترتدي لوناً يليقُ بعيني ، تتربصُ بكل جُثة حيةٍ لتهمس بعد ذلك بشيءٍ ما يخص المرحلة التالية ، كُل شيءٍ مُتوفرٌ هُنا : الثمالة ، البؤس العالق في أفواههم ، والموت ( الراكد) المُنتشر .. الذي يتعامل معه قوامها بطريقة تزيدها شُهرة بين خلايا رأسي ، أنها تستعدُ بعد أن ومضت روح عينيها الفيروزية ، تلعقُ رغباتهم التي علقت بورد شفتيها المُكتنزتين كفراشة شيطانة،  تبتلعُ كُل الأذواق لتتخلص روحها من كل أوراق " إستقالة جنون" هنا ، تركل مؤخرة الأغنية التي كانت تنعش قلب الهدوء في وجوههم الشاحبة ، تضرم نيران جحيمها في فؤاد "الدي جي"  ليرقصُ گعاهرٍ على شموع أصابعها الطويلة  إلى حد الإحتضار .. لافظاً غُبار تمردٍ يشلُ حركة الكسل في هذا اللاحانة وفّي ! أنها نارٌ كبيرة جداً .. تفصيلية تتربع على العرش ،  تبرز عني وعن والمُعذبون الضاحكون المتميلون فيها ، الأغنية تزيد مِن لذة اللسعات المُتربصة بكُل جلدٍ  برتقالي ، أحمر وازرق  يستغيثُ هنا.. مساماتنا تلدُ أجنة من الجنون النيلية السمينة العملاقة ، وقلوبنا أصبحت تقرأ طلاسم الموت ( الراقص) على نفسها رُغماً عن أنف نبضها الكسول .. حاولتُ أن أفك أسر جسدي الذي صار يتميلُ موتاً راقصاً وراء آخر ، والذي يريد أن يحشر جنوني في حلبةٍ مُشتعلة دون حراك .. حاولتُ أن أقله  إلى مكان تواجد تِلك الشفتين الذكيتين بعكاز نفسيٍ ، حاولت أن أقَبل تلك التفاصيل التي تحاول ارغامي على الركوع إليها ، أنها ذكية جداً ..
ولكنني مازلتُ لا أستسلم..
أحاولُ أن أقتربُ رُغم الثِقل الذي كبل روح تعقلي ،
أنني ثملٌ بها وبِذوقها..
تهزُ أكتافها ونهديها وروحها ..
تتميل وكأن جسدها يعرفُ تماماً كيمياء هذه الأغنية.. 
فتزيد مِن أزمتي..
تهمسُ شفتيها بكلمات الأغنية وهي تنظرُ إلى ما كانت تعبثُ به لترصع الأغنية بفتنتها
الطريقة التي كانت تلتقي بها الشفاه العليا بالسلفى عندما تكرر تلك الكلمات الملحنة السحرية تزيدُ مِن تشبثُ جسدي بمكانه..
تنظرُ إلي ثُم تُكشر عن غمازة بحرٍ أحمر..
تلقي بُساطها أسفل قدمي ..
تسحبني مِن ربطة عُنقي الفرنسية..
تعجنُ روحي بقُبلة..
تجعلني أستسلمُ عِنوة ..
تسحبُ كُل تلك الأوراق الخضراء مِن جيوب قلبي..
تُضعها في صحنٍ معدني مُرتكزٌ أمام جسدها وذوقها..
ثُم..
- أسمي جيا
ثُم
تنفثُ ثاني أكسيد الثمالة على وجهي..
لأستيقظُ فجأة مِن اللاحُلم فأجدني ثملاً مُفلساً في الحُب ..
لا أحد يستحقُ الحُب سوى عينيها..
وأنغام تلك الأغنية في رأسي ماتزال تحاول إيقاظ جسدي السكران..  
والصداع يلتهمني على عجل..
ماذا كان أسمها؟ 
هي ليست هُنا..
رغم أني أصبحت استسلم الأن ..
ورغم دموعي..
هي ليست هُنا ..
نعم تذكرت ..
كان أسمها ..
جيا
 #قلم_ وميض
twitter: geneourla
*ملاحظة : أعد قراءتها وأنت تستمع إلى الأغنية*