Sunday, March 11, 2018

رسالة من ألين .. الحورية التي غرقت بدماء روحها.






قرائي الأعزاء
أعتذر عن الإطالة ، ولكنني كنت منهمكة في تحليل رسالة ما.
هُنالك فتاة مسكينة بين أفق الحب ..
تنتمي له .. تعيش هذا الولاء  .. تعبده بطريقة لا إذلال فيها..
شعرت بالإختناق اللاذع الذي ترتوي منه .. شعرت بالموت الذي تحيا به..
 أنه كان  محظوظ  ولا أعلم إن كان سيعود إلى هذا الحظ ..
. سأعرض رسالتها الأن ولن أغير بها شيء .. 
هذه الفتاة ..  أنها مجرد حورية تغرق في دماء روحها ..


……
الإثنين
١٣ من مارس
إلى العزيزة ماما نويل

مرحباً أيتها السيد المحترمة .. 
كيف حالك ؟
أن الجو في الخارج بارد بعكس جسدي الدافئ المليء بالذكريات الثورية.
أنت بعيدة الأفق .. ولكنك قريبة بشكل أو بأخر  من المشردين والغارقين عاطفياً..
أنني أحد هؤلاء الذين يغرقون في لوعتهم.
 لا أريد منك أن تنقذيني بمزيد من الحياة وغسيل الأحلام.
أريد منكِ أن تنشري ولعي بهذا الغرق ..
شعوري يشبه ألتهاب كبد الأكسجين في جسد الأموات..
أشعر بِكُل شيء في ينتصر للإختناق المقدس،،
أنا مُلمة بالموت والحياة ، مُلمة بكُل تلك النظريات الدنيوية واللادنيوية.
ولكنني ما أزال لا أعرف شيء عن صكوك العودة إلى ذلك الموت تحديداً..
كيف تفسرين  خوفي وعدم خوفي في ذات اللحظة من عينية ؟ هل ذلك يعني  بأن الخوف يجعلك تتشبثُ بمصدره،  كتشبثُ المشنوق بحبل الموت هرباً من الحياه  ، أنه حبيب  حبي ، فريدٌ من نوعه ، فاره العينين ، كائن رباعي الأبعاد  ، أنه ملكي ، أنه كُل شيء في تفاصيلي التي صارت تُمجد ذاتها به ،  أنه تجاعيد حُزني وغمازة سعادتي..
أعشقه عشق القرش الأبيض  للدماء ، عشق غريزي بحت ، عشق يرفض التعقل والعقلانية ..
لذلك دعيني أخبرك بِكُل شيء ..
دعيني أعلمك كيف يقبل المقتول يد قاتله..
فقط أعذريني لأنني سمعت عن قصتك وجئت لأشاركك إحساس 
مُحترق يسجد للنار.
أنني أحببته مُنذ الرصاصة الأولى.
أحببت فوهةً أطلق بها حُبه وعنفة تجاه ماتبقى من روحٍ في..أنني أقصد فوهة عينيه وليست فوهة مسدسه .. نعم لقد كان يحمل مسدس..

المهم هو بأنني كنت بشكل عام يائسة وبائسة ولا أملك مالاً كثيراً ولا حتى نصف حلم أتفائل به.. وكُنت أؤجل الجد والإجتهاد وقراءة طقوس تكوين الأحلام إلى الغد ، لذلك أنا كنت في تلك اللحظة بلا أحلام ، وذلك من حسن حظي.
كنت أتناول الأجبان الفاترة مع الخبز وأتعاطى الأغنيات الحارقة التي تصلي للكسل..

ولكنني كُنت في ذلك اليوم بشكل خاص نصف سعيدة بحصولي على فطيرة سمينة مجاناً توزعها عائلة هاملت ، التي  تم ألقاء القبض على قاتل أبنهم وشنقه  ، لقد كان أحساس جميل  ، أنهم أناس طيبون جداً ، فقد كانت الفطيرة غنية بكل العناصر  الغذائية ، تستطيعين يا سيدتي  تمييز رائحة الجزر الطازج والبرقر المشوي  اللذيذ ، أنني أشعر بطعمه الأن في فمي ، ولكنه لا يتغلب على الطعم الأقوى والأجدر بحواسي ،..
طعمه ..
كُل شيء في تلك اللحظة كان يوحي بأن هذا اليوم سيكون نصف لذيذ نوعاً ما .. كنت سأذهب وأعد قائمه لأحلامي التي بالتأكيد سأحرص على أعطاء نفسي فرصة للتكاسل معها والتراجع فيها  ، من السهل أن تشطب عمل اليوم من الورقة وتكتبه في خانه أعمال الغد ، فقد أعتدت هذا الأمر  ولكنني كنت أقول بأن هذا اليوم مختلف سأكون في هذه المرة جادة

 المهم ..
كما أخبرتك ظننت بأنني سأحظى بنصف لذة مع تلك الفطيرة  ولكن يومي لم يكن كذلك .. كان ألذ ، 

رغم تراكم الإيجار ، ونفاذ  الجبن المفضل الذي أعشقة وتكاسلي عن الذهاب إلي المتجر لشرائه  ، وبالرغم من تعطل آله تسخين الطعام  وتهديد مدير عملي لي  في دار (ح… ) للنشر والتوزيع بطردي بعد أن خفض من راتبي الكثير ليصرفه على غرامياته وعلى استأجار مصممون مجوهرات من الدول الخارجية ، لتقليد جميع الماركات العالمية ليرضي  زوجته المسكينه التي تكتشف في كُل يوم خيانة، وتعود إلى مقر السكوت مقابل خاتم سيء الصنع.

المهم يا سيداتي بأنني رأيت في ذالك الحين  ما زاد همي هم ، لا تسيئي فهم هذه الجملة .. 

 لقد كان طويلاً جداً ، لم يكن يرتدي قناعاً ، يتجول في روحي وليس في شقتي  ، حينما رأني  أرتبك ، رفع المسدس تجاهي ولا يعرف بأنه رفعه في وجه الميت أصلا ، يهدد الذي سجدت عيناها لفتنته ، شعره الأسود الأشعث ، أسنانه الناصعة البياض ، يبدو بأنه مصاب بوسواس قهري ، فمظهره لا يوحي بأنه مهتم لشيء أصلاً   كل شيء كان مهمل ماعدا أسنانه ورائحته ، أنه هوس النظافة ، لقد قرأت عن ذلك المرض  في أحد الكتب المجانيه ، لقد كان يضع مزيل عرق برائحة الخيار ، كان يتفنن في إذلال الإحباط والكسل في ، كان يعطيني أملاً كلما أقترب بفوهته تجاهي ، تعرفين بأنني أقصد فوهة عينية .. لأنه كان يظن بأن فوهة المسدس أرقى وأشد عنفاً  من عينيه ، في كل تلك الظروف والمشاهد الإرتجالية كان يفعل ما أريده ، رُغم الخوف الذي أعتلاني إلا أنني كُنت أشعر بأن الحُلم يفتح لي بابه الأحمر .. من قال بأن للجمال مقاييس ، ذلك الرجل أخترق كل تلك الملفات الجمالية فصارت مجرد هراء.
  • لا تتحركي.
  • *تنهيدة* لن أفعل..  ولما أفعل ، فأنا قد مُت .
  • إن لم تتحركي لن أقتلك .
  • أنت أساساً فعلت.
كان متعجباً من حديثي ، وكنت مُتعجبةً من روحي ومالذي حدث بعد أن رأت عيناي كُل تلك التفاصيل التي تزداد فتنة مع كُل تعبير .
  • أنت جميل وأنت متعجب هكذا ، تنظر إلي وأنت تعاني مِن تقاسيم وجهي التي لم تنجح في تحليلها بعد .
  • لا تحاولي العبث معي.
  • ليتني أستطيع ، ولكنني لا أملك قطع مقاومة،  كُل بيادقي السوداء  قد توفت أمام فوهة عينيك العسلية.
في تلك اللحظة ، كان يدعي الجمود ، كان لا يريد الحديث عن ذلك الحديث ، كان يريد أن يسمع المزيد.
  • لن تجد هنا شيء تسرقه سوى قلبي.. وأنت بالفعل سرقته.
هل كان كل ذلك السيناريو عبثاً ..؟ هل كُنت في وعيي..؟ لا  فحالتي الأن تُجزم بأنني ما أزال على قيد اللاوعي.
أرتدى وجهي التوق الذي تنفس الصعداء  بعد أن كان يلتهب في روحي، أقتربت ولم تأبه تفاصيلي بفوهة مسدسه .. لم تبالي  سوى بتلك البارزة من أقصى عينيه.
  • مسدسك ليس أقوى من عينيك
  • بعد تلك اللحظة لا أتذكر تفاصيل كثيرة فقد كان هناك الكثير من الإلتهاب والموت .
أذكر بأن كل شيء كان رمادي محمر ،أقرب إلى المقبرة الدافئة بروح الشوق  ،  رائحة البارود في روحي ، أستطيع الشعور  بها وهي تمتزج بحناني . ، لقد كان أقرب من كُل شيء يا سيدتي حتى من عُزلتي.
أذكر بأنني قلت له.
  • لقد أعلنت ولائي لك.                                                                  ثم سقطت بين ذراعيه.
لا أعرف ما هي قصتي مع الولاء ولكنه كان مثل الحاجة .. كان شيء لا يوصف حتى قمت بتطبيقه..
المهم يا سيدتي أنا لن أتحدث عن عُزلتي في هذه الرسالة.. سأتحدث عن اللحظة التي أستيقظت بها من غيبوبتي الحمراء لأجد حياة بائسة بعد موت كان ألذ من ذلك البرقر.

لقد تمكن من الرحيل  وأنا كما ترين تمكنت من الإنتظار.
ترك لي ملابسٌه المُبعثرة ورائحة خيار طفيفة وصورة مُهملة يبدو بأنه قد نسيها عبثاً .. ليذكرني به ..
أعتقد بأنه أرتدى بذلة خاصة بأخي ليخرج ، فالدولاب كان مفتوح.
لكن هذا لا يهم على الأطلاق فأخي لم يعد هنا .. 
لقد رحل مُنذ زمن طويل .. لقد أختار أن يرحل.
المهم هو بأنني أكتب لك الأن وأنا أشاهد تلك التفاصيل  التي تتوهج من فرط الإتقان الإلهي .. صورته اللذيذة
أكتب لك وأنا فخورة بما فعلت .
لقد أحببت ، والحب دافئ لا يغادر الأجساد ، لهذا فهو سيعود ليطلب الكثير من الدفئ والموت ، أنا أعرف هذا وأشعر أحياناً بأنني لا أعرف..
سيعود ليراني بهذا الشكل من الإنتماء والولاء والعبادة.
سيعود ليراني أرتدي قميصه الأزرق الذي يفتقد بعض الأزرار وبنطاله الأسود الذي يميزه ثقب على شكل حرف (زد)  وجواربه البيضاء المصفرة من عناء الطريق .
نعم أنا لم أتخلص من تلك الملابس ، أنا أرتديها الأن وسأفعل ذلك في الغد وبعد الغد ، هذا الأمر تحديداً لا أحتاج إلى أن أكتبه في قائمه أعمال الغد ، لأن هذا الأمر يشبه الدم ، شيء لابد من جريانه في كي أكون دائماً على قيد الدفئ.
أعلم بأنك قد تظنين بأنني جُننت ، ولكن أنا لا أريد منك أن تظني ذلك وحسب  يجب أن تؤكدي شكوكك .. أنا جُننت به منذ اللحظة الأولى .. كما أخبرتك .. منذ الرصاصة الأولى

يا سيدتي العزيزة .. هل تريدين أن تعرفي الجزء الأهم من كُل ذلك التورط الدافئ.

شعري..

لقد تورط في حُبه.. صار أكثد تجعد وخشونه  ، أشعر بأنه قد زهد في الحيوية .. أنها أقصى مراحل العبادة .. فقد أعلن ولاءه له ، لذلك  ماتت أطرافه ، وصار وكأنه يقولي لي أنقذيني من هذه الجثث المتقصفه ، حرريني من المقبرة التي قد تطولني أنا أيضاً.. أريد أن أنال مباركة من أحببت ..

أنا  كنت أعرف بأن تلك ليست رغبتي وحدي لأن شعري أيضاً كان لا يهدأ.

لذلك قمت بزيارة كرستينا البائسة ، وخرجت من الصالون الخاص بها وأنا  أتمنى لها السعادة ومباركة الرب.
  • كرستينا ، أشتقت إليك لقد مضى وقتٌ طويل.
  • نعم يا صديقتي العزيزة بالمناسبة ماذا تريدين أن أصنع لك.
بعد أن أخفيت ملامحه بأصابعي الغيورة طلبت منها قصة شعرٍ تشبه التي في الصوره ، تمالكها الفضول السمين ، تحاول أن ترى ، تحقد.. وتفكر في ذاتها  وفي .. تقول في نفسها بأنني محظوظة أكثر منها ، تركب أفكاراً كثيرة في رأسها لتصنع لها سبب لتكيد لي .. 
من حسن الحظ أنها أختنقت بالعلكة الخاصة بها ليأتي صديقها الغامض وينجز ماطلبته منه على الفور ..
لم يبالي بها حينما كانت على وشك الموت ولم أفعل أنا أيضاً.
وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة.
المهم يا سيدتي .. فقد صار شعري مثلُ شعره ، أنا سعيدة ، أستمع الأن إلى موسيقى الحب وأكتب إليك هذه الرسالة المفخخة بالحوارات المترفة ولعاً، منتظرة لحظة تسلله إلى كياني .. أنتظر تلك اللحظة التي سأصلي فيها سعيدة من أجل عودته.

كل شيء فيّ باب يحاول أستحضاره ، ملابسه التي أرتديها ، قصة شعري ، صورته المرصعة بالعظمة ، رائحة الخيار والبارود وأخيراً أسناني ناصعه البياض.

بالمناسبة يا سيدتي فاتني ذلك.. هل هوس النظافة معدٍ؟


 . أرجو أن تجيبيني  وأن تصلي من أجل عودته لي ، أنني أنتظره فلا 
تقتلي هذا الأمل سيدتي فهو حتماً سيعود أليس كذلك ؟

صدقيني أنا لا أقبل بغير ذلك .. 

 فليباركك الرب أيتها العزيزة  

ألين

قلم :وميض
تويتر :geneourla