Monday, October 27, 2014

غانيا.

أنا غاينا !
فتاة سوداء من أوغندا !
خُلقت في زمن لا أعرف له تاريخ !
تتآكل فيه الأيام ولا أستطيع فعل شيء سوى الأنخراط في ذلك التآكل !
  مجتمع أباده السيدا وقلبي أباده اليتم !
أمي نقلت المرض لأبي وأبي نقله لعشيقته فماتوا جميعهم !
كنتُ أراك يا نيانما حينما كنتِ تخونين أبي مع معشوقكِ دون أن أتحدث ، فقد كنتِ مشغولة مع عشيقكِ بينما كنتُ أنا منشغلةً في وضع أشياء ثقيلة على بطني كي لا أموت جوعاً !
كنتِ تجهلين قصة اغتصابي يا نيانما !
كنتِ لا تدركين مدى حمقكِ وسذاجتك !
كنتِ تميلين إلى الرجال دائماً ؟
لم أدرك بعد سبب هوسك بهؤلاء الرجال ؟
فقد وضعت في رأسي أحتمال واحد ؟
وأعتقد أنه هو سببُ هوسكِ بالرجال !
فأنت لاتريدين أن تكوني أبنة السيدا الوحيدة !
ولاتريدين أن توصمي وحدكِ لذلك تسرعتِ !
وليتك لم تفعلي !
من سيسقي جاموناه الماء ؟  أنا حتى لا أعرفُ كيف أسقية ! بل لا أعرف من أين أتي له بالماء !
اللعنةُ على سنه ١٩٨١ .
أخبرتني طبيبة بيضاء زائرة ذات مرة من تحت كمامها أن هنالك روايات تقول أن السيدا جاء من تلك القردة الخضراء في أفريقيا وقالت أيضاً أنها قد تكون لعنةٌ من السماء ثم رجمت بها الأرض ثم أخبرتني أن هناك من ظن أنها نتائج مخبرية للتلاعب بالجينات ! 
كم كنتُ أتمنى أن أصبحَ طبيبةً لكي أحاول بشتى الطرق أن أجد لهُ حلاً !
ولكنني هل سأعيش إلى ذلك الحين ؟
لا أعتقد فذلك الرجل يا نيانما لم يكن سليماً !
هو أخبرني بذلك بعد زمن من اغتصابي !
ولذلك كدتُ أموت من الحمى في مساء من مساءات أغسطس !
ولذلك أصبتُ بالطاعون الأبيض ولم أعد أرغب في حياة أخرى أو صراع أخر مع الوباء !
كم كنتُ أتمنى أن يقتلني ذلك السعال سريعاً !
وحتى لا أشعرَ بالألم من جديد !
ولكنه أجاد قلتي حينما تركني يتيمة بلا نيانما أو حتى جاموناه !
توفى أخي الصغير بسبب شربة لماء مسموم ولا أستبعد اصابته بالسيدا فقد أنجبته حينما كنتِ مصابة !
ووالدي منباو توفي بعد أن أجهز السل على رئتيه في فترة قصيرة !
صرتُ يتيمة !
صرتُ أبيت الليل خائفة من تلك العيون التي تجوب الطرقات بحثاً عن فريسة ؟
كنتُ أكرهه الرجال بحق !
وكنت أكره نيانما أيضاً !
بالمناسبة هي أمي !
لايهم ، حاولتُ أن أعيش ماتبقى من حياتي بلا علاج بين أتربة الأكواخ المهجورة !
فأنني لا أستطيع دفع تكاليف دواء السل أبداً !
أسير بلا قيود أو خطوط بيضاء تقودني إلى الطريق!
أتسلل إلى الأكواخ بحثاً عن أنفاس وهمسات الماضي !
بالمناسبة ! أنا فتاة عشرينية .
أعشق التمرد بألوانه الصارخة  !
أجوب الطرقات الخاوية بحثاً عن ألوان الهدوء !
أحبُ أن أرمق الأكواخ القديمة والمناضد العتيقة !
أُحب الغبار المتراكم على تلك الصور الرمادية !
أحب أن أنفث ذلك الغبار لأراه يتطاير أمامي ثم يحلق في كل أرجاء الكوخ !
لذلك كنتُ أتسلل وأمارس التمرد قبل أن يمارسه السيدا علي !
لذلك كنتُ أرقص في هدوء وأبتسم  وإن سمعت أصوات أقدام تقترب أختبأت !
كنت أرى الأكواخ تختلفُ تماماً عن كوخ نيانما !
هي جميلةٌ ولاتحمل رائحة عفونة أو سيدا !
هي مرتبة ونظيفة ، هل حدث ذلك لأن أصحابها غادروا ؟
ربما !
كنتُ أبحث عن بقايا طعام !
ماء أو حتى حبوب لأطحنها وأكلها .
ولكن لاجدوى !
لاجدوى من شيء !
فالسعال جاء من جديد وصار يجهز على رئتيّ !
صرتُ لا أحتمل دموعي التي أحرقت وجنتي !
صرت لا أستطيع النهوض أو المقاومة !
لذلك سقطت وصرتُ أنازع !
وكل ما أتمناه قبل أن ألفظ أنفاسي الأخيرة هو أن تموت الفاحشة وأن يموت خلفها السيدا !
هذا كل ما أتمناه فقط !
كنتُ أظن أن السيدا مرضٌ يصيب الفقراء فقط !
ولكن جيرا الطبيبة البيضاء قالت لي أنه في كل بلاد العالم !
لذلك كونوا معاً يا أحباء من أجل القضاء على السيدا ! 
فهو لايعرف غني أو فقير !
ولاشيء سيعوضكم إن أخترق ذلك الفايرس أجسادكم كما حدث لي !
لاشيء سيعوضكم أبداً !
من أجل غانيا كونوا معاً !

كلمات : وميض !
تويتر : geneourla 



No comments:

Post a Comment