Monday, October 6, 2014

نهاية فوق الثلوج !

أشعلتُ نار الموقد لأنعم بالقليل من الدفئ..
أنني أحتاجه في هذه الليلة الباردة والمعتمه ..
أشعلته وأشتعلت معه قصص الماضي الأليمه..
قصةُ طفلة كانت تتسكع بعد منتصف الليل وحدها.. 
خرجت تمرح دون أن تعلم أن أهلها أرسلوها إلى الجحيم ..
أرسلوها لتصبح فريسة لذلك الوحش الأبيض..
الثلج .. !
ولكنها لم تمت من البرد ..!
 بل ماتت قهراً.. !
كيف تموت من الثلج وهي تحبه ؟
لا لم يقتلها الثلج !
بل قتلتها النفوس الشريرة ..
جعلتها جثة ملطخة بالدم فوق ذلك الثلج الأبيض..
جعلت منها لوحة تذكارية أبدية لن ينساها أحد..
ماتت من القهر الذي أستحوذ على قلبها الصغير..
من الجشع الذي يفعل ذلك بطفلة ؟!
نعم ..
 بعد منتصف الليل ..
 هذا مؤكد ، لابد من ذلك .. 
أهلها أرسلوها إلى الجحيم ..
أرسلوها إلى الظلام..
مشت وهي تبتسم  فوق تلك الثلوج ..
ولن أصف لكم روعه ذلك المنظر ..
طفلة بيضاء جميلة تنافس الثلج بجمالها !
تتسكع بأطرافها الصغيره فوقه لتخلف آثار حذائها الصغير خلفها !
تمشي عدة خطوات ثم تلتفتُ إلى الوراء لترى آثارها البريئه !
كانت سعيدة !
كانت تبتسم وتمرح رغم أن الثلج كان يقتل أنفاسها..
وحينما تذكرت أنها تحمل علبه كبريت .. 
ذهبت لتبحث عن حطب لكي تشعله وتنعم بالقليل من الدفئ .. 
راحت تتجول وتنظر يمنةً ويسره ..
وبعد بحث طويل وجدت القليل من الحطب ..
جمعته وأختبئت في مكان لاتصل إليه الرياح ..
ولكنها وقبل أن تُشعل عود الثقاب ..
لمحت وجود خيال يسير في العتمة البعيدة ..
ابتسمت وشعرت بالقليل من الأمان ..
نهضت وذهبت إليه ولم تدرك أنها الأن ستعود إلى البرد مجدداً..
ستعود إلى الهلاك ..
لو لم تنهض من مكانها لما كان الموت حليفها..
ولكنها تسرعت قليلاً ..
وذهبت إلى العتمه التي لن تعود منها أبداً..
أبداً..
**********
نظرة جامده ..
وملامح مريبه تسكن وجه ذلك العابر ..
مد يده إليها ..
وهي أمسكت بيده ..
وقال لها : هل تشعرين بالبرد ؟
- نعم ياعمي البرد شديد جداً !
- ماذا ؟ عمي !! 
- نعم أنت أكبر مني وجدتي رحمها الله قالت يجب أن أحترم الكبير وأعطف على الصغير ..
- وماذا عن والدتك !
صمتت قليلاً ثم قالت : والدتي لا تحبني !
- لما ؟!
- لأنها قالت لي ذلك !
هي كانت تتحدث بكل براءة ولكنه كان في تلك اللحظه مشغول بشيء ما !
كانت هناك رغبة شديدة ممنوعه في نفسه يحاول قتلها !
كان يدرك أن تلك الطفلة مسكينة !
وكان يدرك أيضاً أنها لا تستحق شيء سوى الحماية !
ولكن نفسة كانت تصارعه !
حاول أن يشغل نفسه عن تلك الرغبة ثم قال : لماذا الثلج جميل ؟
- لأن لون الثلج أبيض وأنا أحب اللون الأبيض.
- وهل تحبين الأسود ؟
- لا أنه مرعب !
-  حسنٌ ومن أين أتيتِ ؟ 
- أمي أرسلتني للخارج لكي ألعب وقالت لي تستطيعين اللعب حتى الصباح .. 
- أرسلتك وهي تعرف أن الجو بارد هكذا ..
-  نعم وقالت لي لا تدخلي المنزل أبداً حتى تشرق شمس الصباح ..
وهنا تراجع ذلك الرجل في ذهول  ..
وحاول أن يخفي دموعه ألا أنه بكى أمامها ..
ثم..
أمسكت بيده وهي تبتسم وقالت : عمي لا أحب أن أراك حزيناً أنت طيب القلب !
هنا خرج ذلك الصوت المقزز من داخل عقله وقال..
- مابالك يا أحمق ..هل جُننت ..هذه فرصه لا تُعوض ..
حاول أن يُسكت ذلك الشيطان اللعين وقال له : 
لا أريد .. لا أريد ..
- بل تريد أنت تريد ذلك ولكنك تخاف من أن يراك أحد ..
- لا لا أريد ..
- لا تخف سندفنها معاً في مكان لن يراها فيه أحد..
-  لن أفعل ..
شعرت الطفلة بأنه متضايق فقالت له : عمي مابالك !
قال لها في غضب : أرحلي من هنا بسرعة ، عودي إلى المنزل !
- لا لن أتركك !
ثم تعالى ذلك الصوت من داخل عقله ليقول مابالك خلصها من البرد والعذاب ..
- لن أفعل ..
- عمي مابالك أرجوك أخبرني هل ضايقتك ؟
- بل ستفعل ..

ومع كل أسف فعل ..

وليته لم يفعل ..

************** 
دماء تعلو جبينها ..
وثلج يغطي جسدها الصغير ..
وعيون تدور في محجريها ..
قلب صغير يتواثب في مكانه  ..
ونفس يكاد ينقطع ..
نهضت من فوق الثلج في ألم
شعرت أن هناك أنفاس أخرى في المكان ..
نظرت حولها وقالت..
أين علبه الكبريت ..
نعم هي بحوزته الأن ..
يستخدمها ليُشعل بها سيجارته اللعينه ..
وينفث دخان القهر والندم 
لقد تسرع هو يعرف ذلك ..
وكان يستخدمها أيضاً لإشعال كل الحطب الذي جمعته هي لينعم بالدفئ ..
نظرت إليه في صمت ..
حاولت أن تقف ولكن البرد يحاول أن يُسكت حركتها ..
يحاول أن يقتلها ..
لا تعلم كيف ولماذا ولكنها شعرت برغبة شديده في البكاء ..
حاولت أن تصمد ..
ولكنها ..
ورغم كل ذلك ..
ورغم علمها أنه لم يعد شخصاً طيباً..
نادته عمي ..
هه ، هل تريدون معرفه مالذي فعله بعد ذلك ..
قل لي لو كنت مكانه ماذا كنت ستفعل ..
بالتأكيد ستقتل نفسك ..
كيف ستصمد أمام هذا ..
لذلك نظر إليها في صدمه ..
ثم نهض وصرخ .. 
- أنا لستُ عمك ..
- لستُ عمك بعد الأن ..
لحسن حظه أنه كان يحمل مسدساً..
كان يحمله دائما لكي يهاجم به الذئاب أو الكلاب المسعوره ..
ولكنه الأن سيطلق الرصاصة على نفسه..
حرك الزناد ..
أطلق الرصاصه ..
طخ..
وفي تلك اللحظه تناثرت دمائه لتلون ذلك الثلج الأبيض باللون الأحمر ..
لون الدم ..
الدم الملوث بالعار والفساد ..
دمه الذي تناثر أيضاً على وجه تلك الأميرة التي ترقد فوق الثلج ..
بياض الثلج ..
نعم هي بياض الثلج ..
وستظل تلك الطفله بيضاء من الداخل والخارج 

حتى النهايه ..

******** 
أمي .. 
دقت الباب ولكن مامن مجيب..
أمي أمي أنني أنزف وأتألم ..
وكانت دمائها تلون ذلك البياض ..
تلك الدماء الطاهره ..
لذلك .. وبعد أن فقدت الأمل..
هناك..
وقفت وسط الثلج ونظرت حولها ثم قالت..
- ما أجملك يا ثلج..أسفهٌ لأنني أفسدت لونك الجميل..
قالت ذلك وهي تبتسم ..
نعم تبتسم ؟! ..
هي تحب الثلج كثيراً ..
ولذلك ستموت وسط ذلك الثلج ..
لم تعد تستطيع التحمل أكثر ..
هي تقع الأن ..
تستسلم للموت ..
أناملها الصغيرة لم تعد تستطيع أن تحملها..
وداعاً يا بياض الثلج ..
وداعاً ياقلب لم يعرف الحقد أو نوايا البشر الخبيثه ..
نعم أنتِ طفلة وأنا مثلك أمرأه ولكننا متشابهان في شيء واحد ..
فكلانا يحمل قلباً لايعرف الشر أو الحقد حتى ..
لذلك سنموت وحدنا ..
وسندفن دون أن يعلم أحداً عنا ..
سنموت ..

#قلم وميض
تويتر : geneourla

No comments:

Post a Comment