Saturday, October 10, 2015

سأتركهم ينتصرون ..!

على رصيف الشارع العام .. رأيته مُمدداً كالأموات يهرشُ جلده بِطريقة مُقززه جداً ويسعل وكأنه كان يختنق بمعدن ظن أنه طعام - ومن شدة الجوع - حاول ابتلاعه ولكنه - مع الأسف - علق لِيسد مجرى التنفس لديه ، يبدو أنه زحف إلى هُنا بعد أن طرده مُدير مطعم البرقر السمين ذاك ، لن ألومه ، فقد كان شكله مُقزز مُثير للغثيان ، وذلك الأمر خطير جداً  - بالنسبة لزوار المطعم بلا شك - المهم هو أنني لا اعرف كيف تخلص مِن الذي كان يسكن في مجرى تنفسه خلال دقيقتين هل ابتلع ذلك الشيء أم أن سعاله الشديد كان مُجرد عرض لحالة مرض مُتأخرة !
حينما رأني أتقدم نحوه نهض بِتثاقل عجيب ثُم ارتسمت على وجهه ابتسامة النصر اللعينة تلك ، أخرج لي لِسانه بِطريقة مُثيرة لحموضة المعدة بعد أن رفع لي أصبعه الأوسط المُتآكل ذاك، أتعرف .. رُغم الظلام الحالك الذي كان يحتضن الشارع في تلك اللحظة إلا أنني أستطعت أن ألمح تِلك النقط البيضاء البارزة على طرف لسانه ، تُشبه كثيراً تِلك التي لمحتها ولأول مرة على لِسانك ،لا أعرف إن كان القصد من تلك التصرفات التي كان يقوم بها هذا المعتوه المريض هو( النصر للشواذ ) أو لا ولكنني لن اعتب على مريض أبداً ، يبدو أن حالته مُتأخرة جداً .
ابتسمتُ له بِسخرية طغت على ملامحي وحاولت أن اكتم ضِحكة شامته خفيفة كادت أن تصدر مني لو أنني لم أخنقها في اللحظة المُناسبة ، ثُم رفعت له أصبعي الأوسط  - كما فعل هو -  وبالتأكيد لم أنسى أن أُخرج له لساني الأحمر المُلون بِلون عصير الفراوله المُفضل لدي ، لا أعرف سبب تقليدي لِحركاته ولكنني بالطبع لم أكن أقصد بها أن النصر للشواذ ، على الأغلب أن تلك الحركات قد راقت لي بعض الشيء ولذلك قمت بها ، هذا ليس تبرير ، فأنا لستٍُ مُنزهة عن هذه التصرفات ، أنا أرفع أصبعي الأوسط دائماً لك ولأمثالك وأنت تعرف السبب .. أرفعه لك لأنك عاهر  !
علمتُ أن هذا المُحنط صديقك مِن خلال ذلك السوار الوردي المُهترئ الذي ألتصق بِجلده المفتوح ! أنت رميته هُنا بعد أن علمت أنه گعاهرات الشارع يبيع نفسه لأي أحد مُقابل اللاشيء ، ذلك أغضبك وبِشدة لأنك أحببته جداً وأهديت له كُل شيء ثمين يخصك : ساعة الروليكس التي اشتريتها لك في يوم مِيلادك والتي تطوق مِعصمة الأيسر النتن الأن ، أراهن أن لو علم مُدير المطعم بشأنها لخنق انفاسه بقطعة زبدة كبيرة ثُم سرقها منه ، ولكن الجروح المفتوحه لوثت بريقها ، لذلك لم يلحظها .
ولن أنسى ربطات العُنق الفاخرة تلك ، كنت تفعل كُل ذلك لكي يبقى لك وحدك، أنت تغارُ عليه لأنه أجمل لوطي شاهدته في حياتك ولا تُريد أن يُشاركك به أحد ، ولكن .. كُل ذلك لم يُجدي نفعاً فقد كان مُتمرداً شاذاً يعشقُ العلاقات الجماعية ، وهذا ما كان يُغضبك ويكسر رقبتك ، لأنك لم تكن تملئ عينه أبداً لذلك سلطت عليه لعنتك ولم تتركه إلا بعد أن تأكدت مِن تمكن مرضك مِن صحته وملامحه الفاتنه المُغرية.. وجلده الأملس الناعم، تركته هُنا على الرصيف دون وداع .. تركته يصرخ ويئن لتأكله جُرذ الشوارع ، أنه يلعنك بلا شك، لأنك أنت السبب وراء حالته المُستعصيه هذه - بكل تأكيد -.
عموماً أردتُ أن أخبرك بأنني علمتُ بشأن مرضك ولكن ..
في 
وقت
مُبكر 
جداً
( الحمدلله ). 
رحمة الرب أنقذتني ، ألا ترى بأن هذه مُعجزة !
***
السؤال الذي يُراودني الأن هو : أين أنت ، هل تبحثُ عن شاذ أخر لتُلقي لعنة مرضك عليه أم أنك تُفتش داري التي غادرتها للتو بحثاً عني لتصب غضبك على جسدي هذا .. جسدي الذي انقذه الرب من اسقامك، اعتذر إليك ،فقد تأخر الوقت ،  لأنك لن تجدني أبداً .
***
هُنالك سؤال يراودني كيف اكتشفت أنه كقِطط الشوارع التي تفتح أفخاذها لِكُل المُشردين ، هل رأيت أحداً يلوط به في سينما ( الشمس المُظلمة ) لأفلام الشواذ مثلاً أم انك شاهدته يصنع مقاطع مُغرية لِجسده ولينشرها على المواقع الإباحية !
لا يُهم ، أعرف أنك ستعود إلى مكانك المُقدس ذاك دون أن تخلع حذائك وستبحث عن شاذ أخر لتُزهق أنفاس شهواتك به دون أن تكترث بشأن مرضك الذي سيقتله عاجلاً ام أجلاً ، أما أنا فقد حان وقت رحيلي الأن ، أحتاج إلى السفر إلى الهدوء الذي لم أحظى به معك أبداً ، ذلك هو الشيء الذي كُنت أظن نفسي قد وجدته أخيراً في عُزلتك ، ولكنك كذبت بشأن وحدتك ! أنت لم تكن وحيداً ابداً ! فقد كانت تِلك الأنفاس النتنه القذرة تتلصص على وحدتنا وفراشنا طوال الوقت ، نعم أعلم أنك حاولت التخلص مِن عُقدتك النفسية تِلك بأرتباطك بي ولكنك لم تُفلح ، عموماً مسألتك النفسية تِلك والعُقد التي تُلقي بها في بطون الشواذ لا تخصني فقد أنتهى كُل شيء ، سأتركهم ينتصرون ويحظون بِمرضك ، لأن كُل تلك الأسباب التي كانت تجبرني على البقاء معك توفت الأن  ، لا أريد أن أموت ، حتى وإن لم يعد هُنالك شيء أناضل مِن أجله ، فقد تبقى لي شيء واحد فقط ، إلا وهو الكِتابة ، اعذرني عُزلتك القذرة تِلك لم تعد بيئة صالحة لي .. ومرضك الذي انتشرت رائحته في اركان غُرفتك يقلب معدتي لذلك سأرحل .. سأبحث عن بيئة صالحة للكتابة ، وداعاً.
قلم : وميض.
تويتر : geneourla


No comments:

Post a Comment